رأي حر/الاستاذ/لحسن امقران
أثار مرور الصديق Said Olanzi Tachafine على برنامج بدون لغة خشب للصحافي رضوان الرمضاني الكثير من التفاعل من جانب مواقع رواد التواصل الاجتماعي. في هذا الإطار، شخصيا لا أستغرب من هذه الموجة التفاعلية القوية بالنظر إلى متغير حاسم على مستويين:
المستوى الاول: كون برنامج بدون لغة خشب لصاحبه الرمضاني إعتاد أن يستضيف ضيوفا لا يتقنون غير لغة الخشب، مع استثناءات قليلة طبعا، ضيوف تمنعهم أوضاعهم الإعتبارية والتزاماتهم السياسية أن يقفوا عند لازمة (je suis clair) لصاحبها مصطفى الخلفي.
المستوى الثاني: كون الأستاذ سعيد العنزي يظهر -بشكل مطول- على الشاشة لأول مرة وفي برنامج له قاعدة عريضة من المتابعين، وهو معطى اغتنمه الأستاذ سعيد ل”يزف” نفسه للمغاربة في أبهى صورة رمزية يسعى إليها.
في الشكل دائما، وقبل الخوض في نقاط أخرى أراها جديرة بالإشارة، أهنىء سي سعيد على اللغة، الملفوظة والجسدية، التي تواصل بها في البرنامج، وكانت وبدون شك مؤشرا على ثقة عالية بالنفس، أهنئه أيضا على استماثته لمدة تزيد عن الساعة وما يتطلبه ذلك من تركيز قوي خاصة أمام الكاميرا وتحت الأضواء وعلى المياشر، وعلى حماسه الكبير في “البوح” بكل عفوية وتلقائية وصدق، وعلى عدم الوقوع في شباك “محامي الشيطان” الذي يترصد الضيف بشكل ناعم، أقر أن الصديق سعيد نجح في الهيمنة و السيطرة (Domination) على الحوار وساق قبل أن يساق.
بخصوص المضمون، يفترض أن نربي أنفسنا على الاختلاف، وبالتالي يتعين علينا وجوبا قبول أفكار ومواقف نختلف معها ولو كلية، ومن هذا المنطلق، نحترم اختيارات أستاذنا الفكرية والسياسية والايديولوجية وحتى “التوازناتية”، ونتفهم الاكراهات والدوافع التي تجعل المرء يوطن نفسه هنا لا هناك، أو هناك لا هنا، ولا يحق لي ولا لك أن نمارس التكفير الايديولوجي. هنا، أعتقد أن الأستاذ سعيد “تشدد” في ما ذهب إليه ولم يترك لمخالفيه هامشا للوجود.
منهجيا، وهنا تقع المسؤولية على صاحب البرنامج أكثر مما تقع على ضيف البرنامج، أجد أن النقاش، كان يفترض أن يكون أكثر تنظيما واحترافية، كان يجب أن تعرض محاور النقاش مع بداية البرنامج حتى لا يتيه المشاهد الذي شتتت”فوضى المحاور” تركيزه وغيبت الخيط الناظم بين الافكار وحتى المعطيات.
من زاوية ايديولوجية، سي سعيد وعلى غرار تحليله المبني على “الثنائيات البئيسة”، اختار في ظاهره وشعوره أن يكون حداثيا ولكن ليس إلى درجة الحداثة الحقة، وفي أعماقه ولا شعوره أن يكون محافظا ولكن ليس إلى درجة المحافظة الحقة، هو يريد أن يكون بين المنزلتين، محافظا بين الحداثيين وحداثيا بين المحافظين.
في خانة المضمون أيضا، كان من اللباقة عدم ذكر الاشخاص بالاسم بل بالصفات، خاصة ونحن نناقش الفساد، فذكر أسماء معروفة بهذا الشكل قد تكون له مآلات نحن في غنى عنها خاصة أن الفكرة والمعني واضحين.
من جهة أخرى، أعتقد أن سي سعيد بالغ -في تقديري طبعا- في الخوض في سيرته الذاتية وبالتدقيق حياته الخاصة، ورغم ما حمله ذلك من دروس في القيم، فإن جمهور المتابعين يهتمون أكثر لسعيد الحقوقي، سعيد الجمعوي، سعيد المفكر، سعيد المناضل، سعيد السوسيولوجي، وليس سعيد الطفل أو سعيد اليتيم أو سعيد أخ البنات أو حتى سعيد الأستاذ.
أعود الان لأعرج على جملة من ردود الافعال بعد اللقاء، آلمني أن جل الاصوات التي تفاعلت في فايسبوك، تهجموا على الأستاذ سعيد من زوايا ضيقة جدا، هناك من تهجم عليه من أبناء الجنوب الشرقي لأنه فقط من نفس جهته، وهناك من تهجم عليه من “الراديكاليين” لمجرد إيمانه بالنؤسسات، وهناك من تهجم عليه من “الثوريين” لمجرد كونه “ملكيا”، وهناك من تهجم عليه من “العروبيين” لمجرد لقبه تاشفين، وهناك من “الامازيغيين” من تهجم عليه لكونه لا يرفع العلم الأمازيغي، وهناك من “الإسلاميين” من توجسوا منه لمجرد حديثه عن التقية واستغلال الدين، وهناك من “اليساريين” من امتعظ منه لأنه لقب نفسه ب”تشكيڤارا”, وهناك من تهجم عليه لكونه ابن كلمبمة، أو لكونه من قبيلة أيت مرغاد، وأدناها لكونه لبس قميصا أبيض وربطة عنق “أنيقة’.
** كل ما قيل في هذه السطور لا يتجاوز كونه رأيا شخصيا يلزمني ولا يلزم أحدا


















